إعلان

المراكز الإدارية

الفيس بوك

كاريكاتور

@

صور

ولد علي بابي / سطوة الطبيعة علي التقانة - ناجي محمد الإمام

جمعة, 02/24/2017 - 20:12

كان الزمن صيفا ويقول أهلها في تقاليدهم المروية:إن أرض إقليم شمامة وما جاورها من آفطوط ( إِفُطْظْ وهي كلمة صنهاجية تعني الأرض السوداء الغليظة) كالحديدة إن سخنتْ، تكون سعيرا، وإن بردتْ، تكون جنة، وقد كانت تلفحنا لفحاً وتصدنا عن وصلها صداًّ، ومن فظائع التقانة ومفاتن الحداثة أنها تصطنع لك جنة من النسناس العليل داخل قمرة السيارة وخارج سمك المرآة تلفح "ياجورة" وهي" السموم" بكل فحيحها و قيظها اللاهب، لكنها عند أول تحديات الطبيعة تعيدك إلي العصر الحجري فإذا أنت في ملكها وتحت طائلة قوانينها الصارمة..
فبمجرد أن تقافزت الرباعية النزقة فوق جذع آمورة يابس إنقطعت ماسورة النسيم العليل، وتصبب العرق مدرارا و توقفت ثلاجة السيارة عن العمل و سخن الماء المعدني، ولولا بقاء المحرك سليما و وجود الموكب المرافق لأضطررنا لركوب ما تيسر إبلا أو خيلا أو حمرا،كما قال المتقدم:
علي العير نعم السير إن عزت الإبلُ
وشدُّ إكافٍ كافٍ إن فقد الرحـــــــــلُ
وإن كان ركب العير عُدَّ نقيصـــــةً
لبعض "الزوايا"فالبراذن و النعــــلُ
وهكذا واصلنا الطريق المترب المُغبَر المغبِروما يتركه منصبغ أمغر علي الملابس و الأجسام،وأنت أمام خيارين إما الإختناق بالحرإن أحكمتَ الإغلاق، أو الإختناق بالغبار إن فتحتَ النوافذ...
أسماء الأماكن:
تختص ولاية قدم ماغة بين أماكن البلاد بإطلاق أسماء الأشخاص علي الأماكن في ظاهرة تعمها و ماجاورها من قرقل والعصابة،وأول ما يستقبلك قادما من قرقل "قليتة ولد الجرموني" وهي ماعُرف ،بعد السد، بـ"فمْ القليته"، في قاف شهير في "نحية"أكثر شهرة شاهدها من شعر "جساس" في هجاء "كليب":
ياعجباً حتي كليبٌ سبني
كذا الجياد مالها من أَرْسُن
واسمها عند العامة " يا عجباً حتى الكليب سبني" والقاف:
نتغارقْ عند ال تَحْجلْ لّي# سنَّــانتْ بالـــحزم قْروني
كيفْ تْغـــاريقْ إِدَيــْشلّي # ف قْليْتتْ ولْ الجرموني
ويمكن الإستنتاج أن هذه القبيلة المرابطية العريقة صاحبة آخردولة حميرية ـ صنهاجية في البلاد،قديمة الوجود أيضا في هذه المنطقة الجنوبية،إذا اعتبرنا أن عمر هذه النحية من عمر فن البيضان.
وفي نفس السياق تسمية حسي ولد علي بابي،فولد علي بابي هذا هو نجل "علي بابي بو الأفخار"، ممدوح سدوم ولد انجرتو الأسطوري الذي بلغ إعجابه به أن أقسم أن لا يمدح أحداً إلاّ ذكر في مدحه علي بابي، وأضحت جملته العطفية من معالم بلاغة سدوم: كيف عْلي بابي!!
وكذالك " ولد ينجا" الذي لم نستطع أن نجد من يعرفنا به، و" ولد امبنْ"وهو علم علي بلدية،مع ظاهرة تسمية الأماكن كذالك بنباتها مثل"الدافوع" وهو نبت خاص بتلك البيئة، ويتوهم البعض فيكتبها "دافور" متأثرا بالإعلام.
"الجبل الأشيب"
عند مدخل ولد علي بابي يسارا وعند الخروج منه يمينا في اتجاه ولد ينجا كدية كثيفة النبات المتيبس صيفا في منظر بالغ الكآبة سميته "الجبل الأشيب" وكثيراً ما حماته تبعات العنت الذي أعانيه في ترددي علي الطريق المتجهة إلي ولد ينجا، ولا شك أنه سئمني كما سئمته، و ملني كما مللته،فللأرض بكاء مكتوم وشكوي مرة،لكنها من عتب الأمهات...
نقد الشباب:
ذات ليلة من أسبوعي الأول في تلك البلاد،زارني جمع من شباب الولاية المنخرط في العمل السياسي المحلي
ويبدو أنه أيضا يحمل من هم الوطن الشيئ الكثير و لهم علي الأمور و مجرياتها ما لمالك علي الخمر، ولكنهم ينافسون ويتخاصمون داخله، وقد مثلتُ في أعينهم النموذج الصالح لصاحب المبادئ و المتبوع الذي "يصبح تابعا" ويتخلَّى عن "مرجعيته الفكرية" سامحهم الله، وقد فوجئوا، كما قالوا، بأني تقبلتُ نقدهم بالرحابة التي يستحقون، فلهم العُتبىَ، بل لقد ضمنتُ نقدهم القصيدة التي ختمتُ بها مهمتي في قدم ماغة، وها هي تعلنُ للمرَّة الأولي منذ سنتين وبضعة شهور ...

ولد علي بابي ...حُجة الشباب.. والجبل الأشيب

أنخ!فالمدي، حيثما ترقبُ نخيلٌ و ســــــدرٌ كما ترغب
تشيمُ بروق انصرام المصيـــــــف وبرقكَ ياابن الهوي خُلَّبُ
إلي ولد ينجا حثثت المطــــ ـــــي يُودِّعُني الجبلُ الأشيب
هنا الخصب عهد المناخ المطيـ ـــــر وغابُ التقفيت والقنب
هنا الناس مثل هبوب النسيــ ــــــم لطافٌ هنا البلد الطيب
وفي "كاراكورُ"يغني الحمـــــــامُ نشيد الســـــلام ولايندُبُ
ستعبر كل الأخاديد كالحرذ ون وتصعد تهبط أو تقلـــب
ودهراً تمرُّ وعشراً تكـــــرُّ وعمرا تَــدور و لا تتعـبُ
بولد عْلي بابي ثآك الثــــــ ــواء وأنت كما أنت لا تنصبُ
بولد علي بابي يمر الزمـ ــــــان رتيبا لما حوله يرقب
هنا منذ غـــــادرها آدم ٌ علي حالها حظَّهـا تندبُ
حرامٌ علي كل فعلٍ جديـد فعرف التقاليد لا يُغلـبُ
وتبقي علي حالها لا تـــــ ــريمُ سواءٌ هنا النور والغيهـب
هناملكوت الــتراث حــــ ـرام فليستْ تُضامُ ولا تقربُ
سوابق كل امْرِءٍ من ابيــــــــــــــه فليستْ ترامُ ولا تكسب عبرناالمسالك جبنا"المفـــــــــالك" هـــذاؤه الجبلُ الأشيبُ
مررنا فذا سفحك المقسئـــــن ... كليل كما وجهك الأجرب
تقابلنا كل عَوْدٍ كئيــــــــــــــــباً .....فلست تبشّ ولا تـطربُ
فنشرب ماءً بسفحـك عنــ ـــــــــك وحمـارة القـيظ لا تغرُبُ
أخا "مُقْلدٍ" ثكلتك الليـالـــــــي.....أنا الحالمُ الساذج المتربُ
أأُلدغ في جُحُـرٍ مَـرَّتيْـــــــــــــن ... وأندِبُ حظا ولا أُنـــدَبُ
وأدعوا الشباب لكأس الهـــــــــناء ... ولكنني منه لا أشربُ
وأدعو لحَلْبِ السمــــــــاء وأدري بأن السماوات لا تُحْلَـبُ
يقولون يا داعي الخير أقبـــــــــل... فأمرك من أمرنا أغــربُ
أما كنتَ ما كنتَ ؟ ما ذا دهـــــــاك؟ أتعجبُ منا ولا نَـعْجَبُ
ألستَ أمين الثوار الأصيــــــــــل نزيل السجون إذا تنــسبُ
ألست أخا الشعر رب القصيد و صوت النشيد الذي يـطربُ
ستُدْركُ عند اقتسام الغنا....ئم ، عنـــــد الغرائم ما تجلبُ
وأنك والطيبــون الــــكرام ...ومن أقـــــسموا أنهُ المكسبُ
خسرتم رهان الزمان الجميـــل وذالكم المـذْهَبُ المُذْهِبُ
وعادتْ حليمةُ للموبقاتِ... عيوب النـــــخاسة لا تـــذهـــبُ
وليل الضــلال كـــشمس النـــــضال...طويلٌ و لكنــه يغرب