إعلان

المراكز الإدارية

الفيس بوك

كاريكاتور

@

صور

التعليم في غيديماغا إلى أين!!!؟ / عالي محمد سيسى

أربعاء, 07/20/2016 - 20:19

من خلال نتائج مسابقة ختم دروس الابتدائية "الكنكور" وما أفرزته على مستوى الكم يمكن وصف هذه المسابقة بأنه ينطبق عليها المثل العربي.

 "استراحة محارب" أو ونظيره السوننكي " غفوة راعي الإبل"، أي أن ما يمضيه في النوم سيعوض مثله في البحث عنها.

سياسة التعليم عندنا تركز على الكم بدل الكيف، وخاصة في المرحلة الأساسية، ويتجلى ذلك من خلال البون الشاسع بين نتائج مسابقة دخول السنة الأولى إعدادية وبقية المسابقات، أن تلاميذ مدرسة قريتي هذه السنة نجحوا جميعا في مسابقة ختم دروس الابتدائية إلا واحدا. حتى في المدارس العريقة لا يمكن أن يقع هذا، فكيف في قرية ريفية في ظروف الإهمال التي يعانيها التعليم عموما وفي القرى خاصة.

مما يعني أننا أمام اتفاق ضمني بين الوزارة والطاقم التدريسي من جهة، وبين المدرسين وذوي التلاميذ من جهة أخرى، وبين مدراء المدارس فيما بينهم من جهة ثالثة. فالوزارة بسبب إهمالها للتعليم، والظروف الصعبة التي يعانيها المعلم، وتدني الرواتب...، تغض الطرف عنه يفعل ما يشاء طيلة السنة، وعندما تأتي الامتحانات فهو حر فيما يفعل، والمدراء يتفقون فيما بينهم في وقت المراقبة يساعد كل منهما تلاميذ الآخر، وآباء التلاميذ همهم الأول أن ينجح ولدهم في الكنكور، بل إنهم قد يكونوا معينين للمعلمين من خلال كرم الضيافة لأنهم يدركون إذا لم يكرموهم لن يساعدوا أولادهم. لولا هذا التآمر المتعدد الأطراف لما نجح احد في تلك المدارس، وفي أحسن الأحوال لن يتجاوز نسبة نجاح 5%. أو اقل من ذلك، في هذا الحالة أمام الأسرة التربوية أمرين لا ثالثة لهما، إما أن تعلن انهيار التعليم في تلك المناطق وأنها تسير في مهزلة، أو تقوم بإصلاح جذري يأخذ بعين الاعتبار كل المعوقات التي تعيق التعليم، والدلائل لا توحي باردة جادة نحو ذلك، وإلا كيف ينجح تلميذ لا يكاد يكتب اسمه أو يقرأ جملة مستقيمة،؟ لماذا نسبة النجاح في الريف أكثر من هو في المدن الكبرى وكذلك نقاط تلاميذ؟ . وغالبيتهم فوق مائة نقطة، وإذا نظرت إلى نتائج في سيلبابي نسبة الذين تجاوزوا عتبة مائة نقطة أقل من نظرائهم في القرى.

إذا نظرنا إلى هذه النتائج على مستوى القرى نجد أن نسبة نجاح قد بلغ في معظمها 95%، ومائة في المائة في بعض المراكز.هل من المعقول في مدرسة غير مكتملة الفصول وكذلك المعلمين أن تبلغ نسبة النجاح هذه النسبة؟ وإذا أخذنا بلدية " عر" كمثال نجد أن عدد المترشحين لعام الدراسي2015 2016. 270 تلميذا، وعدد الناجحين 212، والراسبون 58 أي نسبة 78.5% تقريبا، هذه نسبة ممتازة لو كانت تعكس حقيقة واقع مستوى التلاميذ. إن الاعتماد على ارتفاع نسبة التمدرس فقط، وأنه وصل إلى نسبة كذا وكذا، ونسبة البنات 52% وقد تبلغ في بعض الأحيان إلى 54%.لا تعبر عن الصورة الحقيقية لوضعية التعليم في البلاد وخاصة في المناطق الأقل حظا في التعليم. قد تكون ورقة رابحة لدى الممولين الدوليين ولكن لن تغير من حيات المواطنين شيئا، وإذا كانت الدولة تضع في عين الاعتبار خطورة التسرب في المرحلة الأساسية وتغفل عن المرحلة المتوسطة مع تدني المستويات فإنها تخرِج أجيالا من الأميين, لان غالبية هؤلاء لن يتمكن من الالتحاق بالإعدادية لأسباب موضوعية، من أبرزها عدم وجود مرحلة الإعدادية في مناطقهم، تصور 212 ناجحا €“ أعمارهم تتراوح بين 15،و13 سنة - في بلدية لا تتوفر فيها إعدادية كيف يلتحق كل هذا العدد الكبير بالإعدادية في ظل ظروف الصعبة التي يعيشها معظم ذوي هؤلاء التلاميذ.

 نعلم أن الوزارة تنتهج سياسة التساهل في هذه المسابقة، كنوع من الحد من التسرب المدرسي في هذه المرحلة الحرجة من حياة التلميذ، قد يكون ذلك مقبول في نطاق ضيق, وينبغي الحد منه تدريجيا، أما أن تكون السمة البارزة لنجاح السياسة التعليمية، فتلك كارثة على مستقيل التعليم.

 لا أحدث من فراغ بل أحدث عن تجربة، كنت وكيلا لتلميذ حل في المرتبة الثانية على مستوى ولاية غيديماغا في السنة الماضية وتحصل على 172 نقطة اتصل بي مدير المدرسة الخاصة التي يدرس فيها، وقال إن مستواه ضعيف، شرحت له انه حل في المرتبة الثانية في ولايته وبنقاط كذا فصرخ، هذا جاء متفوقا يعني انه في مادة كذا حصل على كذا ومادة كذا حصل على كذا.

حدثني أحد العمد أن في إحدى السنوات جميع طلاب عاصمة بلديته طردوا في عامهم دراسي الأول في السنة الأولى إعدادية، بسبب ضعف مستوياتهم، وكذلك غالبا ما يطرد غالبية التلاميذ مدارس القرى عندما يلتحقون بالإعدادية في سيلبابي، برغم تدني مستوى إعداديتها.

والدليل الثالث على هذه المهزلة، السنة الماضية لم يتمكن أحد من أبناء الولاية من النجاح في مسابقة إعدادية التميز، وفي هذه السنة نجح منهم 12 تلميذ فقط، أما مرحلة الثانوية فلم ينجح أحد. كل هذا يمر تحت صمت الجميع، الشباب، أباء التلاميذ، المنتخبون والسياسيون والمجتمع المدني!!!.

إنها صرخة مستغيث من أجل إنقاذ التعليم في هذه الولاية المنسية، رجائي أن لا تكون صرخة في واد!!!

على كل حال، مبروك للتلاميذ الناجحين الذي تُوأدُ براءتهم بلا ذنب ارتكبوه.

والتحية، إلى الإباء المغلوب على أمرهم، الذين قبلوا إرسال أولادهم إلى المدرسة في هذه الظروف الصعبة, والمؤامرات التي تحاك ضد مستقبل فلذات أكبادهم.

وفي الأخير، أشد علي قلوب وأيادي أولئك الأولاد الذين سيتركون ذويهم في قراهم النائية ويحملون حقائبهم الصغيرة مثل قلوبهم البريئة إلى أماكن شتى داخل الوطن من اجل الالتحاق بالإعدادية، ستواجهون صعوبات جمة، ربما سيحرم الكثيرون منكم من التحاق بالإعدادية بذريعة عدم الحصول على بطاقة التعريف، لكن اصبروا الفرج آت!!!.